بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أخواتي وأخوتي الأحرار ...
سوف أتناول في هذا الدرس موضوع تلوثات البيئة بصورة خاصة وعامة وآثارها علينا وعلى أجيالنا القادمة ... لنبدء أولاً مع مضار التفجيرات النووية ولنرى ما شاء الله أين سوف ننتهي ...
إن التفجيرات النووية أو الذرية تؤدي الى زيادة التلوث البيئي عن طريق الأشعاعات النووية الذرية ، وهذا الأشعاع لا يقتصر على منطة واحدة فحسب بل يشمل جميع أنحاء العالم ولكن بصورة غير متساوية ، وفي بعض المناطق يبقى التلوث الأشعاعي الى عشرات بل والى مئات السنين في التربة ، الشيء أو السبب الثاني الذي يؤدي الى أن التلوث بالأشعاعات ينتشر الى مناطق الأخرى من العالم هو نتيجة تحرك الرياح والمياه والأمواج والتي تحمل معها تلك التلوثات الى ما لا نهاية ، وهذا يخص بالذات التجارب النووية والتي تحدث في العالم بسبب سباق التسلح أو الحروب ، ناهيك عن الموت والدمار الذي تحدثهُ تلك القنابل في حالة أطلاقها على منطقةٍ ما ، كما حدث في هيروشيما وناكازاكي اليابانية والتي يتأثر سكانها حتى يومنا هذا ، أما حادثة شرنوبيل فالجميع يعرفها أيضاً ، حيث عمت أوربا ، وخاصة أوربا الغربية بقدوم أفواج من البشر للمعالجة بسبب أصاباتهم بأمراض عديدة ومنها السرطان .
ومما يزيد التلوث البيئي هو حركة السفن والباخرات والتي تلوث مياة الشواطئ والبحار بنفاياتها . فعلى سبيل المثال إذا غرقت سفينة ما وهي تحتوي على مواد أو منتجات كيميائية ، ومنها مادة الرصاص والتي تدخل في تكوينها ، فذلك يؤدي الى تلوث تلك المياه بمادة الرصاص . أما المعامل الكيميائية فهي أيضاً تلوث البيئة من خلال رمي نفاياها وفضلاتها الى الشواطئ والى مياه البحر مثلاً ، وهنا تلعب حركة المدّ والجزر دوراً مهماً وتيارات المياه بحمل تلك التلوثات الى مياه الأنهار التي تصب في تلك البحار مما يؤدي الى أنتشارها أكثر فأكثر . لقد أشرنا في دروسٍ سابقة الى مضار الرصاص إذا ما أصاب جسم الأنسان والتي تسبب الى الموت البطئ في معظم الحالات عن طريق مثلاً تناول لحوم الأسماك المصابة بتلك المادة . للرصاص مخاطر أخرى على خلايا المخ البشري ، فهو يسبب الجنون أو ما شابه ذلك من تلك الأمراض الخطيرة والصعبة العلاج ، حيث أيضاً يسبب في بعض الحالات أيضاً الشلل النصفي أو الجلطة الدماغية ، في بعض الأحيان الشلل الكلي أو فقدان البصر أو السمع أو أنسداد أو فقدان الحبال الصوتية في الحنجرة .
إن تلوثات البيئة كثيرة ومنها التلوثات الصناعية ، وتلوثات مياه الصرف الزراعية ، وتلوثات محطات تقطير المياه ، وتلوثات المخلفات والنفايات ، وتلوثات من مخلفات مصانع السفن ، وتلوثات المياه المستخدمة في أستخراج المعادن ، وأخيراً وليس آخراً تلوثات مخلفات مياه المجاري . إن تلك التلوثات التي ذكرناها تسبب في معظم الأحيان التلوث بمادة الزئبق بسبب نوعية مخلفات تلك التلوثات التي ذكرناها والتي يدخل فيها الزئبق بصورة رئيسية ، لقد ذكرنا أيضاً في دروس سابقة حول تأثيرات ومضار الزئبق ، وسوف نتعمق أكثر في ذلك لكي تشمل حروب الدول الأستراتيجية وبطريقة ذكية ومرعبة للغاية . إن مادة الزئق يهاجم أيضاً خلايا المخ والجسم عبر الأسماك والنباتات الملوثة بتلك المادة ، ولا يوجد علاج حقيقي لحالة التسمم الناتجة عن الزئبق ، لقد وجد الأطباء والباحثون في العالم أن هناك نوعاً من الأسماك يُسمى ( سمكة السيف ) يعتبر من الأسماك القاطبة لمادة الزئبق وبكميات كبيرة حيث توجد في لحمه وأنسجته ، فإذا ما تناوله الأنسان أنتقلت تلك المادة الى جسمه ، وإذا كانت تلك المادة الزئبقية بتركيز عالي قد تؤدي الى الموت تدريجياً في معظم الحالات . وبسبب ذلك فقد منع صيد تلك الأنواع من الأسماك مثلاً في أمريكا الشمالية ، ولكن وللأسف الشديد وبسبب جشع بعض التجار أصبح يُصدر الى دول العالم الأخرى ، هؤلاء التجار الرأسماليين والذين لا يهمهم سوى الدولار وجمع المال لا يتناولون تلك الأنواع من الأسماك ولكن يقومون ببيعها الى أناس آخرين ولا يهمهم من ذلك سوى جمع المال ، ولذلك نحذر من التعامل مع هؤلاء الأشخاص من تلك الدول.
من الدول والتي تعتبر من أخطر دول العالم بسبب تلويثها لمياه البحر الأبيض المتوسط هي دولة أسرائيل ، حيث أن هناك شركة حيفا للكيميائيات تقوم ومنذ عدة سنوات بدفن كميات كبيرة من مخلفات الزئبق في البحر المتوسط ، حتى أن منظمة السلام الأخضر قامت مراراً بمنع تلك الشركة من القيام بذلك ، ولكن لا حياة لمن تُنادي . ومن الجدير بالذكر إن إسرائيل كحليفتها أمريكا ، ترفض التوقيع على أتفاقية وحظر دفن تلك المخلفات الصناعية . من المعروف أن وراء تلك العملية تجاراً بشعين لا يهمهم سوى جمع المال على حساب أرواح البشر . حتى أن الأسلام منع التعامل أو التجارة بمثل تلك الطريقة وقام بتحريمها أيضاً ، عن رسول الله (ص) قال : (( إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يُسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ما أكتسبه ومن أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت )) صدق رسول الله ... .
هناك موضوعٌ وهو أن كثيرٌ منا لم يعطي أي أهمية له ، وهو حماية مياه الأمطار والمياه الجوفية من التلوث ، إن طبيعة الأمطار هي أنها تطهِّر الهواء من الملوثات والغبار ، كالنتروجين والكبريت وذرات الغبار وغيرها الكثير الكثير . حيث تتركز تلك الملوثات في المياه الجوفية أخيراً ، حيث تذوب أيضاً الملوثات الغازية والتي تفرزها المصانع في مياه الأمطار عن سقوطها مما يؤدي الى تلوث المسطحات المائية وبالتالي التربة التي تسقط عليها تلك المياه .
إن تلوث بسبب الأمطار يحدث عادةً في المناطق الصناعية ، أما تلوث المياه الجوفيه فتحدث عادةً بسبب تسرب المواد الكيميائية إليها ، أو نتيجة تسرب مياه المجاري إليها ، أو نتيجة تسرب أو تسلل مياه الأمطار الحمضية أو الأمطار الصناعية الى طبقات الأرض التحتية والتي تكون مخزناً واسعاً تحت سطح الأرض ، حتى أن بعض المعادن والأملاح والتي توجد في الصخور الحاملة لهذهِ المياه الى تلوث المياه الجوفية أيضاً . ولهذا السبب أيضاً أصبح من الضروري حماية تلك المياه من التلوثات ، مثل معالجة مياه المجاري بأستعمال الطرق الحديثة لمعالجتها وقبل تصريفها الى المسطحات المائية ، أما الطرق الأخرى وهو تطهير مياه الشرب بمادة الأوزون أو الكلور أو الأشعة الفوق البنفسجية مثلاً ، وتخليص مياه الأنهار من الطحالب والنباتات المائية الملوثة بالوسائل الميكانيكية مثلاً ، ومعالجة مخلفات المصانع قبل تسريبها الى المسطحات المائية مثلاً ، وإستعمال الوسائل الميكانيكية الحديثة بتجميع النفط الصافي والعائم فوق سطح الماء مثلاً .
إن الدول الغربية أخذت بتنقية معظم مياه المجاري قبل أنسيابها الى المياه الأرضية . أن معظم المواد العضوية فيها تستخلص بواسطة الترسيب وبفعل الأحياء الدقيقة والتي تقوم بأستخلاصها عندما تمر الفضلات المعلّقة عبر الأغشية الراشحة . ومع كل ذلك لم تستطع تلك الدول من أن ترجع تلك الأنهار والبحيرات الى نقاوتها الأصلية ، ولذلك وجب على الأنسان الحفاظ وبدرجة قصوى على ما يمتلك من ثروات نقية كالمياه مثلاً ، وعلى الأنسان أن يجتهد ويثابر لكي يجد الطرق الحديثة التي تساعدهُ على تنقية تلك المياه وأرجاعها الى نقاوتها الأصلية ، وإلآّ فأن الأنسان ينتظر كارثة ما من بعدها كارثة والمعاذ لله. حتى وصلت الوعي البيئي في الدول الغربية الى ظهور مصانع وشركات وهيئات تقوم بعمل تنظيف وأستخراج مياه الشرب من المناطق التابعة لها ، والتحكم في فضلات المجاري والأوساخ التي تلقى في الأنهار ، إن الأعتقاد السائد هو أن هذا الأهتمام ينتج عنه في النهاية أنهار نظيفة ولو بعض الشيء ، ولكن يجب أن نعلم أن النظافة بعد التوسيخ هو أصعب بكثير من النظافة قبل التوسيخ . ولهذا الرجاء على الأنسان أن يُفكر مليئاً قبل أن يقوم بتوسيخ وتلويث البيئة . إننا نرى وبشكل واضح أن الدول التي تقوم بعناية ونظافة بيئتها هي أفضل بكثير من تلك الدول المتخلفة أو التي لا تعتني كثيراً بنظافة بيئتها .
إن من أخطر التلوثات المائية هو التلوث بالأشعاع ، أن التلوث بالأشعاعات ناتجة عن التجارب النووية والمفاعلات الذرية وعن المحطات النووية وبسبب حفظ النفايات الذرية المشعة في أعماق البحار ، حيث أخذت تلك المواد المشعة تزداد شيئاً فشيئاً وتتسرب الى المياه ، وبسبب ذلك أخذت المواد المشعة بدورها تزداد في أنسجة الكائنات الحيّة وخاصةً في بعض النباتات ، حيث وصل تركيز المواد المشعّة في أنسجتها الى حوالي ألف مرة أكثر من تركيز نسيج هذهِ المواد في الماء ، وبسبب كون تلك النباتات هي الغذاء الرئيسي للحيوانات البحرية ، فقد أخذت تلك الحيوانات وبعد تناولها لتلك النباتات المصابة بالأشعاع بأرتفاع تلك الأشعاعات في أنسجتها ، حتى وصلت في أنسجة بعض الأسماك والطيور الى 30 أو 40 ألف مرة أكثر من تركيزها في الماء .
أهمية وقاية المياة من التلوثات البيئية
تُعد اليابسة حوالي 25 % من سطح الكرة الأرضية التي نعيش عليها ، حيث 71 % من سطح الكرة الأرضية تتألف من بحار ومحيطات ، أما ال 4 % فهي تعتبر من الأنهار والبحيرات والجداول ، أي أن سطح المياه يصل تقريباً الى 75 % من أجمالي سطح الكرة الأرضية . إن مياه البحر تقوم بدور هام جداً في تهيئة الحياة المناسبة للأنسان والحيوان والنبات على كوكب الأرض ، حيث هناك التفاعلات المختلفة مع الغلاف الجوي مثلاً ومع القشرة الأرضية ، وهذا يُعرف عنهُ بالدورات الكيميائية الأرضية . إن البحار تعتبر الممول الأول للنباتات والحيوانات ، حيث تمد الأنسان بالغذاء وكذلك بالطاقة والمواد المعدنية والمعنوية الأخرى .
إن أكثر من 70 % من سكان البلدان النامية والعالم الثالث تعتمد على الحيوانات البحرية وخاصةً الأسماك للحصول على وجبات طعامها ، حيث يصل أجمالي أستهلاكها من البروتينات البحرية الضرورية لجسم الأنسان الى حوالي 40 % أو أكثر ، أما اليوم فلا يستطيع الأنسان التخلي عن السمك للأغراض الصحية أيضاً حيث أن أكتشافات الطب الحديث أثبتت على أن أهم مادة دهنية حيوانية على الكرة الأرضية هي دهن السمك ، والذي يُفترض أن يتناوله من المرأة الحامل الى الطفل الرضيع والأطفال والشباب والشيوخ لما تكمن به من فائدة جمة لا توصف ( وسوف نحاول في درس آخر التطرق بشكل مفصل عن تلك المادة وأثرها على حياة الأجيال والأنسان ) .
نحن نرى على مدى العصور من أن في البحار توجد مواد عالقة طبيعية والكثير منها مفيد جداً ، حيث تأتي تلك المواد من القارات التي تحيط بها ، حيث تحمل الأنهار مياهها والتي تصب عادةً في مياه البحر بنحو حوالي 40 مليون طن سنوياً من الماء ، وتكون عادةً تلك المياه عذبة وصالحة للشرب . أما المواد الذائبة فيبلغ مقادرها بحوالي ال 5 مليارات طن سنوياً ، والى حوالي 50 مليار طن سنوياً من الجزيئات الدقيقة العالقة .
أما المياه الجوفية فنراها هي الأخرى عادةً ما تصب في مياه البحر أيضاً من خلال الأرصفة القارية والينابيع العميقة ، والتي تتكوّن عادةً من البراكين أو من أعماق القشرة الأرضية العميقة ، حيث ينقل إليها من الغلاف الجوي الغازات والجزيئات الأخرى .
إن تكوين البحار أحتفظ على حجمه وشكله المستقر منذ القدم الى أن بدء الأنسان يتدخل فيها براً وبحراً حتى أخذ هذا التوازن بالأختلال ، حيث تغيرت من تركيبة البحار واليابسة شيئاً ما ، حيث نرى ذلك وبصورة ملموسة على المناطق الساحلية القريبة من الشواطئ ، بسبب أن تلك المناطق أكثرها أستخداماً من قِبَل الأنسان ، حيث يتركز حوالي 70 % أو ما يُقارب ذلك أي حوالي 3 الى 4 مليارات نسمة يعيشون على السواحل أو قريبٌ منها أي ما يُعادل 1000 الى 150 كيلومتراً من الساحل . أن المناطق الساحلية تتركز بها الحركة الصناعية بكثافة شديدة ، حيث الموانيئ والمعامل والمصانع ، وأماكن الترفية والساحة ، حيث أصبح الموانئ من أهم الممولات التجارية والمادية للدولة .
إن من أهم أنواع النظم الحيوية للحياة الساحلية البحرية هي إنتاج المستنقعات المالحة ، والتي تستخدم لأغراض عديدة منها المستحضرات الطبية والتجميل وللعلاج وللطعام أيضاً ، وقد أستعمل هذا منذ زمنٍ ليس بالقريب . وأيضاً هناك مصبات الأنهار والشُعب المرجانية والثروة السمكية ، حيث أن ما يُقارب 90 % من الثروة السمكية تأتي من المناطق القريبة من السواحل . البعض يرى من أن البحار وخاصةً المفتوحة منها والمحيطات لم تتأثر بالتلوثات أو التغيرات البيولوجية ، ولكن إذا أمعنا النظر وخاصةً على السواحل والبحار المغلقة أو الشبه مغلقة فنرى حصول تدهور كلي وخاصةً في العقود الثلاثة المنصرمة ، حيث نرى تغير نسبة كثافة المياه ولونها وطعمها ، ونرى أنتشار الطحالب وتغيير لون الشُعب المرجانية ، ونقصان المواد البحرية وتلوث المياه بمادة النفط في أكثر المناطق حتى بات الأنسان يرى سرب الطيور ونقصانها والأمراض التي تصيبها باتت تشكل خطراً كبيراً علينا ، حتى النباتات أخذت بالأختفاء شيئاً فشيئاً .
إن من أشد التلوثات البيئية في العالم ومن أخطرها هو تلوث مياه البحار والأنهار بالنفط بأنواعه ، حيث يكون التلوث من هذا النوع شمولي كما ذكرنا في دروسٍ متقدمة ،حيث يصيب ذلك البحار واليابسة والهواء والماء والنبات والحيوان والأنسان والحشرات أيضاً ، حيث ونتيجةً لأشعة الشمس يتصاعد البخار وبعد ذلك تمطر تلك الأبخرة أو تأتي على شكل ضباب الى الأرض فتصيب بذلك المحاصيل الزراعية والحيوان والأنسان على وجه الخصوص .
التحول البيئي الصناعي
منذ أن أكتشف النفط في العالم أي قبل حوالي أكثر من مئة عام ، أصبح العلماء يتخوفون من تلك الظاهرة التحولية ، الى أن أحتلت الجارة الكويت في عام 1990 ، حيث حدثت بعدها بقليل أكبر كارثة بيئية في العالم والتي عرفتها البشرية في العصر الحديث وهو أن أبان حكم البعث البائد في العراق حيث قام الدكتاتور آنذاك بتفجير أنابيب وعيون الآبار النفطية هناك والتي وصلت الى حوالي 735 بئراً بترولياً كويتياً ، الحقيقة نقول إذا كان الأنسان لايؤمن بشئ ولا يؤمن حتى بنفسه ولا يؤمن حتى بالله فسوف تراهُ يفعل تلك الأفعال والتي تضرهُ بالدرجة الأولى أو بالأحرى تضر شعبه ، حيث أن أخواننا في البصرة وهي المدينة المحاذية الى دولة الكويت الجارة ومياه البصرة وشط العرب هذا كله تضرر بسبب تلك الأفعال الغير مسؤولة والحاقدة على الله وعلى البشرية ، حيث نرى ولحد الآن من أن أخواننا وأخواتنا من أهالي البصرة والأهوار وخصوصاً الذين يعيشون على السواحل إصابتهم بأمراض عديدة خطرة ، حتى الطيور والأسماك والنباتات ولح يومنا هذا متضرر، وما زحف الصحراء الناتج عن جنوب وتقريباً وسط العراق إلآّ بسبب تلك الفعلة الشنعاء . وبسبب خطورة الأمر تعاضدة القوى العالمين والفكرية من أجل القضاء على تلك الكارثة وإطفائها بأسرع وقت ممكن ، ناهيك عن هدر أحتياطي العالم لمدة 30 سنة تقريباً . وسوف نتعرض في دورس أخرى متقدمة حول الكوارثة البيئية في عهد النظام السابق .
نظرة سريعة على بعض التلوثات البيئية الساحلية بسبب النفط
قيام الناقلات النفطية بتفريغ صهاريجها من البترول أو من مخلفات البرول في مياه البحر .
غياب الرقابة الدولية .
في بعض الدول تستعمل ماء البحر للشرب والأستعمالات المنزلية بعد أجراء عملية التقطير والتحليل عليه ، أما في حالة تلوث تلك المياه بالبترول فسوف يجعل العملية مستحيلة أو شبه مستحيلة لأستعمال ماء البحر في عملية التقطير والتحليل .
حدث سنة 1967 أن غرقة في البحر ناقلة عملاقة جداً حيث تسببت بقعٌ زيتية مسممة دامت لأكثر من عشرة سنوات تقريباً .
حدث على شواطئ كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية كارثة نفطية عام 1969 حيث تدفق البترول أثناء عمليات التنقيب بمعدل 100,000 مئة ألف لتر يومياً ، وقد أستمرة تلك الحالة الى حوالي 15 يوماً تقريباً ، وسبب ذلك بقعٌ زيتية كبيرة قُدرة حجمها بحوالي 900 ميل ، حيث أدى ذلك الى التسبب بموت أعداد كبيرة من أسماك البحر والطيور والدلافين والى موت كائنات بحرية كثيرة . حيث حدث أيضاً أصابات كثيرة بين سكان تلك المنطقة .
حدث في سنة 1963 تسرّب النفط من خطوط أحد أنابيب النفط البحرية والتي كانت تنقل النفط من أحدى الحقول الى خليج السويس ، حيث كانت أسرائيل في وقتها قد إستنزفت هذا الحقل في أيام أحتلال شبه جزيرة سيناء المصرية ، فتكونت بقع نفطية كبيرة نتيجة هذا التسرب ، ولقد شوهد من أن تلك البقع أخذت تعوم فوق مياه خليج السويس ونُقلت مع الأمواج الى الشواطئ المصرية المطلّة على ساحل البحر الأحمر ، حبث أدى ذلك الى توقف الأصطياف والسياحة في تلك المنطقة ، إضافةً الى ذلك أدى الى موت الملايين من الأسماك والحيوانات البحرية والطيور والنباتات .
إن فتح قناة السويس دون وجود الرقابة الدولية العالمية للبيئة ، وعدم وجود قوانين بيئية صارمة وتنفيذية ، يكون فتح القناة بحد ذاته هو المساعد على زيادة التلوث البيئي في مياه البحر الأبيض المتوسط . حيث بلغ تلوثات البحر المتوسط لوحده بنحو 400 ألف طن سنوياً من المواد الكيميائية ومواد البترول . لقد لوحظ من أن مياه هذا البحر لا تستطيع التخلص من تلك الكمية الهائلة ، وبسبب حركة المياه التي تخرج من البحر عن طريق مضيق جبل طارق حيث تخرج منه من الأعماق ، ولذلك لوحظ من أن الزيت البترولي يبقى على سطح البحر مهدداً بتسميم المياه أكثر فأكثر .
إننا لو أخذنا قياس البحر الأبيض المتوسط فسوف نرى من أنهُ لا يتعدى الواحد بالمئة من مساحة المحيطات والبحار الموجودة في العالم ، إلآّ أن المشكلة أكبر من ذلك ، حيث يحتوي هذا البحر ووفقاً للتقديرات التي أجريت عليه ، على حوالي 55 % من كل البترول والغازات الملوثة على سطح الكرة الأرضية معاً .
إن حادثة توري كانيون في بريطانيا تسبب موت ما يُقارب من عشرة آلاف نوع من أنواع الطيور ، وبسبب ذلك قل عدد طيور البطاريق بنسبة شديدة جداً. بالأضافة الى ذلك أن معامل التكرير النفطي والتي تقع على ساحل البحر أو الشاطئ ترمي بمخلفاتها ونفاياها الملوثة من زيت البترول ومشتقاته الى مياه البحر مباشرةً دون أن تُعالج هذهِ النفايات والتي فيها فائدة إنتاجية أفضل . حتى أن الخبراء في حادثة توري كانيون لاحظوا من أن نمو المجموعة النباتية والحيوانية في الصخور التي أستعملة فيها المطهّرات الكيميائية أقل من نمو تلك التي تركت بدون إستعمال المطهّر . أضف الى ذلك أن تلك الحادثة أدت الى خسائر أقصتصادية أخرى نتيجة التلوث الكبير جداً ، حيث كانت بقع القطران تدمّر بيوت المصطافين والذي أدى الى توقف برنامج السياحة هناك . يُشار الى أن البقع الزيتية التي أنتجتها حادثة توري كانيون هددت المياه البريطانية ، ومن ثُمَ وبسبب الرياح أتجهة تلك البقع الزيتية الى السواحل الفرنسية أيضاً ، حيث حدثت خسائر كبيرة للثروة السمكية هناك . إن الزيت المتبقي وبعد فترة من الزمن يغتص في القاع وبذلك يُسبب أيضاً تأثيراً سلبياً على الأحياء الموجودة هناك .
أما مكافحة التلوث النفطي وطرق المعالجة له فقد ذكرناه في دروسنا السابقة ، وإذا أحببتم أن نذكرهُ لكم مرةً أخرى فسوف نقوم لكم بذلك شاكرين ، والله من وراء القصد ونتمنى أن أستفدتم منها إنشاء الله وشكراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... .